معاً نناضل من أجل الحرية

معاً نناضل من أجل الحرية
سمسم حيفضل حر

طبعا الكل عرف إن م خالد وإخوانه اتجدد لهم الحبس 15 يوم

ومن أجل ذلك حكتب

أن تكون معتقلاً
عن ذلك الإنسان أكتب ساعيًا لأرسم صورةً تترفَّع أقلام السير الذاتية عن أن تنحت بمدادها ملامح إنسانيتها، صابرةً زاهدةً متجردةً محتسبةً طامعةً، في رحابة لا تحدُّها أسوار، ولا يحرس أبوابها سجَّان، ولا تنبح في مداها كلاب، ولا تسقط على طرقاتها تقارير المخبرين

عن ذلك الإنسان أكتب؛ لكي لا يظن البعض أن إنسانًا يحمل فكرة الإخوان استحال جمادًا، أدمن التنقل في عربات الترحيلات، ودون أن يدميه انكسار نظراته عندما تصدُّها قضبان نافذتها عن الوصول إلى الأفق، ودون أن تترك الأصفاد آثارها على جلدِ يدَيْن ترتفعان صوب سماء زرقاء، تناجي ربًّا لا يغفل ولا ينام



عن ذلك الإنسان أكتب؛ حتى تقف الإنسانية كلها على واقع (إنسان الإخوان) الذي تخترق طرقات زوَّار الفجر سكون أسرته، هاتكةً أمنها وسرها، واطئةً بقدم ثقيلة الحذاء كلَّ براءات الطفولة التي تودع كلمة "بابا"، وماسحةً من قاموس الأسرة كل كلمات الوصال بممسحة قوانين الاستثناء وأوامر عبد المأمور الساعي لرضا فرعون، لا يأبه بوأْد كل طفل يقتحم عليه حلم ﴿لِيْ مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِيْ مِنْ تَحْتِيْ﴾ (الزخرف: من الآية 51



عن ذلك الإنسان أكتب لوعةَ أمٍّ تتألم، فلا تجد ابنًا بارًّا يربّت على كتفيها، يقبل يدها، وتسلم الروح لباريها، فلا تقطر دمعاته الحارَّة على جسدها البارد من قسوة الموت وثلجية عصر الحكم الواحد للفرد، حيرة زوجة تتقلَّب في ظلمة ليلها، فلا تسمع أنفاس شطرها النائم بعد يومِ سعيٍ على رزق الأسرة، ودموع ابنةٍ تعود من مدرستها وتنتظر طرق أبيها على الباب، حاملاً زهور محبة وحلوى وقبلات على الجبين، وتنتظر الابنة ويطول الانتظار



عن ذلك الإنسان أكتب وهواجس الوحدة تطارد محبسه.. (من أحضر خبز الصغار؟! وهل تذكرت أمي الدواء؟! ولبن الرضيعة هل وفَّرتها الصيدلية؟! ورفقة المراهق كيف انتقاهم؟! ومَن روَى النبتة الصغيرة في الشرفة؟! و.. و.. و.. وتداهمه العبَرات، فيرفع ناظريه صوب شرفة المحبس، فتداعب جبهته نسمة هواء، أسلمت نفسها للسجن، فيهتف من أعماق هادرة: "حسبنا الله.. حسبنا الله.. حسبكم الله.. حسبهم الله



عن ذلك الإنسان أكتب، يمرِّض أخاه في محبسه، فينتظر السجان ليأذن بذهابه للطبيب، ينام على غير سريره، ويستيقظ في رحابة رؤاه على ضيق سجنه، ويصلي لربه في غير مسجده، ساجدًا على أرض صلبة جامدة جمود قوانين العصر الغابر رغم استمراره، وتسقط كل معالم حياته أسيرةً لقوانين السجن وتعاليم السجَّان، يشرب غير كأسه، ويأكل ما يُتاح لا ما يرغب، حتى وإن كان طبَقًا من فول وقرصًا ساخنًا من "طعمية" يرى غصون أسرته المنزوعة عنه بمواعيد وبإجراءات، وفي كل مرة يودعهم صامدًا وهم مثله، وبعد الانصراف يقطر الفرع ومثله الأغصان (يا للفراق!!).



أن نكون إخوانًا مسلمين لا يعني بحال من الأحوال أنك تهوَى الاعتقال وتُدمن اقتحام قوات الأمن لدارِك، وتعتاد على رحلات الترحيل واستجوابات نيابة أمن الدولة ومواعيد الزيارات ووجبات السجن الباردة، وقراءة صحف الأمس، ومشاهدة الشارع عبر الأسلاك والقضبان، كما أن كونك إخوانيًّا لا يعني أنك لا تشتاق لأهلك ولا تحنُّ لبنيك، ولا ينفطر قلبك على والدك الملتاع وأمك المروَّعة.



أن تكون إخوانيًّا لا يعني أنك ستُضيف إلى هويتك في خانة الوظيفة (معتقل)، وأخيرًا أن تكون معتقلاً لا يعني أن تسلم قلبك ومشاعرك ودمك الساخن إلى إدارة السجن مع الأمانات..



فيا قومنا.. تذكروا أن الإخواني المعتقل صامدٌ رغم الألم، ومبتسم رغم يد الظلم التي تعتصر قلبه، ومرفوع الهامة رغم أغلال القمع التي تكبله، ووضَّاء الطلعة رغم ظلمة الليل المحدق بأركان الوطن، وراضٍ رِضَى القانع رغم المصادرة وفرض الحراسة على ماله!!ومع ذلك كله فهو إنسان يملك من فيض المشاعر الإنسانية ما يدفعه ليتحمَّل ويصبر، آملاً أن تكون آلامه وأتراحه نقطة الزيت التي تجتمع عليها نقاط تُشعل فتيل المصباح الذي يغيِّر درْبَ الوطن الساعي للخلاص من شرَك آسِرِيه وبراثن سارقيه والساعين لتملكه



طبعا هذا الكلام الذي يثير الشجون من أول أن تكون معتقلا حتى آخر كلمة ليس كلامي وانما كلام أ /عبد الجليل الشرنوبي مدير تحرير إخوان أون لاين

ليست هناك تعليقات: